اهتمَّت نظرةُ الإسلام إلى الحياةِ بترسيخ مبادئ العبودية لله عز وجل، واهتمَّت لذلك بجميع مناهج الحياة في حرص أن يغلب عليها القيم الخلقية المهذبة، وكذلك القيم الجمالية، فقد قال الله تعالى: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)﴾ (النحل).
فالخيل والبغال والحمير تلبية للضرورة في الركوب، وتلبية لحاسة الجمال في الزينة.
ومن هنا تتضح أهمية القيم الجمالية التي لفت القرآن العظيم النظر إليها، فلا تقتصر حلاوة الحياة ونعمتها على تلبية الضروريات من مأكلٍ ومشربٍ وملبسٍ بل نحتاج إلى تلبية حاسة الجمال أيضًا..
وفي الحديث: "إن الله جميل يحب الجمال" (أخرجه مسلم في صحيحه).
عنوان المرأة
ومن هنا فإن الاهتمامَ بـ"التجمل" لا بد أن يكون عنوانًا للمسلمة، وهو بشقيه المظهر والجوهر، الجمال في الأفعال والجمال في البيئة المحيطة.
وقد رغَّبنا النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في ذلك فقال في جمال الأخلاق "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا" (حسن صحيح)، وقال في جمال الأفعال عندما سُئل أي الناس خير فقال "مَن طال عمره وحسن عمله" (رواه أحمد والترمذي).
أما عن جمال المظهر فقد أوصى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بسنن الفطرة، وقال: "مَن كان له شعر فليكرمه" (رواه أبو داود)، كذلك سنَّ لنا الاستحمام قبل صلاة الجمعة.
ولا ننسَ أن الله عزَّ وجلَّ شرع لنا ما يُعلمنا النظافةَ في أنفسنا وفي البيئة التي حولنا، فأوصانا بالوضوء لكل صلاةٍ وبالغسل، وغير ذلك كثير مما يلزم المسلمين بأن يكونوا دائمًا على نظافةٍ تامة، حتى إن المشركين كانوا يعرفون المسلمين في صدر الإسلام من نظافةِ ملبسهم وطيبِ رائحتهم.
المملكة الصغيرة
والبيت المسلم مملكة للمرأة، التي ارتضت الله ربًّا، ومحمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نبيًّا، والإسلام منهجًا وشرعًا، فلا بد أن يُشرق هذا البيت بنورِ الله عز وجل.
فإليك- حبيبتي- هذه الوصايا حتى تفوح من منزلك رائحة الإيمان ويكون أجمل البيوت إن شاء الله:
احرصي أختي الحبيبة على ألا يحتوي هذا البيت على ما يخالف أوامر الله، سواء في الأثاث من مفروشات مختلفة، أو ما تزينين به البيت من صور وديكورات.
اهتمي بأن يكون البيت في حال مرتب ومنظم دائمًا، ويساعدك على ذلك تخصيص مكان لكل شيء وإعادة الأشياء إلى مكانها أولاً بأول.
لا بد من تجديد نظافة المنزل يوميًّا، فكما أن الوجه يجب غسله كل يوم، فالمنزل لا بد له من إزالة الأتربة ومسح الأرضيات بصورةٍ دورية، حتى لا تتراكم الأتربة وتصعب إزالتها، ولكِ في النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أسوة حسنة حيث روى البخارى ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاةَ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا".
ما أجمل المداومة على استعمال معطر للجو أو بخور برائحة طيبة بعد تنظيف البيت حتى تتصاعد منه دائمًا رائحة طيبة.
لا تتركي القمامة في المنزل، ولكن تخلصي منها أولاً بأول حتى لا تعلق بها الحشرات أو تُسبب رائحة غير طيبة.
نظافة الأركان شيء مهم؛ حيث تعلق بها الأتربة وتكون منظرًا مؤذيًا للعين بعد تراكمها ويصعب إزالتها.
قومي بتنظيف المطبخ، بمزج قليل من الخل مع سائل التنظيف، خاصةً بعد إعداد الأطعمة ذات الرائحة القوية كالسمك والكبد والطيور المختلفة، إذ يزيل الخل هذه الروائح تمامًا.
حددي مكانًا للعب الأولاد حتى لا تشيع الفوضى في المنزل، وعلمي أبناءك أن يرتبوا المكان بعد الانتهاء من اللعب.
ليس من حسن التربية أن يتجول الأبناء وهم ممسكون بالأطعمة المختلفة في المنزل، بل لا بد أن يتعلم أبناؤنا أن الطعام في مكان محدد؛ حتى نحافظ دائمًا على نظافة وجمال المنزل.
تعلمي خفض الصوت في المنزل واختيار الألفاظ اللطيفة في التعامل مع زوجك وأبنائك مثل أسعدك الله- جزاكم الله خيرًا- لو سمحت- من فضلك..... إلخ.
لا بد من تلاوة كتاب الله في المنزل يوميًّا، فاحرصي على ذلك، واهتمي بقراءة سورتي البقرة وآل عمران لطرد الشياطين.
وبعد حبيبتي..
فالنظافة قيمة مطلقة، لا نصل للجمال بدونها فاحرصي عليها في بيتك دائمًا، وتذكري أن الجمال في ترتيب الأشياء وتنسيقها يريح العين، ويسر الفؤاد فيجعل الأعصاب هادئةً والنفوس ساكنةً.
إن بيتك عنوان لإيمانك ومدى التزامك بتعاليم ديننا، وتذكري قول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "إن الله طيب نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود" (رواه الإمام الترمذي- بسند حسن).
فاسألي الله سبحانه أن يكون بيتك جميلاً دائمًا فواحًا بالإيمان.
الثلاثاء أغسطس 10, 2010 10:01 am
