تحتل القدس مكانة مهمة في الإسلام،
عقيدة وحضارة وثقافة وتاريخاً، لذلك كان تحريرها من الاحتلال الروماني
مرحلة مهمة في تاريخ الحضارة الإسلامية، وفي تطور المشروع الإسلامي لتحرير
البشرية.
في ضوء ذلك يمكن أن نفهم دلالات
أحداث معينة، وندرك رموزها ونفسرها، فعمر بن الخطاب قام بعزل خالد بن
الوليد وتولية "أبوعبيدة عامر بن الجراح" ليكمل مهمة الفتح!.
وحار المؤرخون في تفسير هذا
القرار... لكننا يمكن أن نفهم الآن دلالات جديدة ومهمة... ذلك أن تحرير
القدس ليس مجرد عمل عسكري، وهذه المعركة ليست فقط معركة جيوش وأسلحة
وبطولات وتضحيات... ولكنها مرحلة ضرورية لبناء الحضارة الإسلامية، وسيادة
المشروع الحضاري الإسلامي.
لذلك فمع كل التقدير والاحترام
والاعتزاز ببطولات خالد وقدرته العسكرية المتميزة... إلا أن تلك المعركة
كان لابد أن يقودها فقيه وعالم وأمين الأمة أبوعبيدة عامر بن الجراح.
لقد كان أبوعبيدة هو خير من يمثل
المشروع الحضاري الإسلامي بكل جوانبه، وليس من الجانب العسكري فقط، لذلك
كان لابد أن يعود القائد العسكري مع الاعتراف بكفاءته ليكون جندياً،
وليتقدم أمين الأمة ليقود المعركة دليلاً على أهمية القدس، وتوجيهاً للأمة
لكي تظل القدس دائماً في قلب مشروعها الحضاري، فهي لا يمكن أن تبني النهضة
وتحقق التقدم، وتحمي الحرية، وتقوم بوظيفتها الإنسانية والحضارية إلا إذا
كانت القدس محررة، يحميها الإسلام كمدينة لها دور حضاري عالمي.
كما أن تحرير القدس شرف للأمة،
وبرهان على تميزها الحضاري وقوتها الأخلاقية... وأنها صاحبة رسالة وأمينة
على قصص الأنبياء وتاريخهم وتراثهم، وعلى عقيدة التوحيد باعتبارها رسالة
جميع الأنبياء.
,